يهـدف البحث إلى إبراز مرتكــزات الفكــر الحداثيّ في تفكيك مفهوم الوحي في الفكر الإسلاميّ، وصرفه عن معناه الحقيقيّ؛ بغية نزع القداسة عن نصوص الوحي الشريف قرآنًا وسنة، وعلى الرغم من ظهور هذه الفكرة على يد المستشرقين في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، فإنَّ الفكر الحداثيّ الذي هو امتداد للفكر الاستشراقيّ قد تناولها مِن بعدهـم بتعديلات شكلية إجرائية غير جوهرية مستهدفًا الدراسات الإسلامية بصفة عامة، والخطاب الدعويّ بصفة خاصة، ويتناول البحث مفهوم الوحــي، حيث محاولــة إبراز أهــم مرتكزات الفكر الحداثيّ في تغيير مفهوم الوحي وتفكيكه. ومنهجي في هذا البحث هو: المنهج التحليليّ النقديّ، وقد قسَّمت البحث إلى ثلاثة مباحث، المبحث الأول بعنوان: مرتكزات تغيير مفهوم الوحي في الفكر الحداثي، وهذه المرتكزات متمثلة في الذاتية، والعقلانية النقدية، ومن أهم آثار هذه المرتكزات: الدعوة إلى تاريخية النص الديني، والدعوة إلى التأويل الذاتي، والمبحث الثاني بعنوان: مفهوم الإبداع العقلي بديلا للوحي في الفكر الحداثي وأثره في خطابه الدعوي، وقد بيَّن البحث أنَّ تصور الإبداع العقليّ هو المسَلَّمة التي يدخل بها فكر الحداثة إلى القول ببشرية النص القرآني، ويمكن الوقوف على هذا التصور من خلال محورين هما: الانطلاق في قراءة المفاهيم من مبدأ العقلانية النقدية في فكر الحداثة، واستخدام جدل تناقض المفهوم في تحليل مفهوم الوحي، ومن أهم آثار مفهوم الإبداع العقليّ في الخطاب الدعويّ الحداثــــيّ: الدعوة إلى تجديد مفهوم الوحي، والدعوة إلى تفكيك مفهوم التعالي، والدعوة إلى كسر كل المعاني المقدســـة، والمبحث الثالث بعنوان: مفهوم التذوق الوجداني بديلا للوحي في الفكر الحداثي وأثره في خطابه الدعوي، وهذا المفهوم عندهم له تصوران: التصور الأول: استحالة فكرة الوحي ووصفه بنوبات من الصرع والهوس، والتصور الثانــي: تفسير الوحي على أنَّه قراءة نفسية أو تذوق وجدانيّ، ومن أهم آثار مفهوم التذوق الوجداني للوحي في الخطاب الدعويّ الحداثيّ، دعوة فكــر ما بعد الحداثـــة إلى عدم الاعتداد بفكرة الوحي واعتبارها ظاهرة مَرَضيًّة، أو تذوقًا وجدانيًا للوجود كتذوق فلاسفة الوجودية. وقد توصَّل البحث إلى أنَّ الفكر الحداثيّ قد صرف الوحي عن مفهومه الحقيقيّ إلى مفاهيم جديدة تدور حول الإبداع العقليّ، أو التذوق الوجدانيّ، وقد بيَّن البحث أثر تغييــر هذا المفهوم في الخطاب الدعويّ الحداثيّ، ويوصي البحث بضرورة دراسة مقولات المستشرقين والحداثيين في سياق واحد ضمن هذه الرؤية الباطنيـــة لتصورات الوحي في الفكر الحداثيّ.